Facebook

Saturday, June 23, 2018

الصوت و الزمن في الموسيقى ton et temps




تمهيد :
يستطيع الناس على اختلاف ألسنتهم التعبير عن أنفسهم بلغة واحدة مشتركة هى الموسيقى .
فالموسيقى هى اللغة العالمية التى يستطيع أن يفهمها المتعلم والبسيط ولها أصولها الموحدة من حيث الكتابة والقراءة والتذوق والتعبير .
والموسيقى هى علم طبيعى وفن معًا ، فهى فرع من العلوم الفيزيقية مبنية على نظريات الصوت وخاصة التقنين الرياضى الخاص المتعارف عليه .
وظيفة الموسيقى هى ترتيب وتعاقب الأصوات المختلفة فى الدرجة ، المؤتلفة والمتناسبة بحيث يتركب منها ألحان موسيقية ثم القيام بما يلزم لإحكام صياغة تلك الألحان من موازين أو ضروب أو حليات تكسبها جمالاً عند سماعها .
أما كونها فنا فيتمثل ذلك في الأداء عزفا وغناء
إذن ما هو الصوت 
كل جسم قادر على إحداث ذبذبات يمكن أن يحدث أصواتاً حسب عدد الذبذبات التي يرسلها في وحدة معينة من الوقت. ويطلق على عددها في الثانية الواحدة " التردد في الثانية " ، والصوت المسموع تكون ذبذباته ما بين 16 وحوالي 20.000 ذبذبة في الثانية وما فوق ذلك يسمى طنيناً ويطلق عليه ما فوق الصوتي Supersonique - ومن الناحية التقنية فكل الأصوات المسموعة ذات الذبذبات المنتظمة تكوّن نوعاً من الموسيقى أما غير المنتظمة فهي في عداد الضجيج أو الدوي أو الجلبة أو الضوضاء . 

يتميز الصوت الموسيقي بثلاث صفات هي :

1- الدرجة : هي نتيجة لحدوث عدد كبير أو قليل من الاهتزازات في وقت معين ، وكلما زادت الاهتزازات كلما كان الصوت حاداً .
2شدة الصوت أو قوته : وتتوقف على قوة الاهتزازات .

3- النوع : أي طابع الصوت والصفة الخاصة به ، فإذا سمعنا مثلاً صوتاً من درجة وشدة واحدة من آلات مختلفة مثل الكمان أو البيانو وغيرها من الأصوات البشرية ، فإن أقل الأذان تدريباً على الاستماع يمكنها التمييز بسهولة بين الطابع الصوتي لكل آلة .
الزمن :
وهو ما يدل عليه الإيقاع الموسيقي - وسوف نبدأ الآن في عرض الإيقاعات الموسيقية المختلفة وأزمانها ( أي الأوقات الزمنية أو أجزاء منها التي تؤدى فيها النغمات الموسيقية . 

ما هو الإيقاع ؟
الإيقاع في الموسيقى هو :
تقسيم للأزمنة تقسيماً منظماً ذا مدلول يختلف من حيث الطول والقصر اختلافاً نسبياً .
تحديد حركة الألحان من حيث السرعة والبطء باصطلاحات إيطالية وهذا يعطي القيمة الزمنية المطلقة للرموز الإيقاعية على اختلاف أشكالها .

أما من الجانب الرياضي ( وهو الجانب الذي يطغى في النظرية الموسيقية ) كما جاء في كتاب الفرابي : 

تُعرف الرِّياضيات بأَنَّها دراسةُ القِياس والحِساب والهندسة

وبشكل عام قد يُعرّفُها بعضهم على أنَّها دِراسةُ الُبنَى  المجرَّدة باستخدامِ المَنطق والبراهين الرِّياضيَّة والتَّدوين الرِّياضي

أمّا الموسيقى، فهي صِناعةُ تَأليفِ النَّغَمِ، والأصوات،  ومُنَاسَبَاتِها، وإيقاعاتِها، وما يدخلُ مِنها بالجِنسِ الموزونِ  ، والمُؤتَلَف بالكميَّة والكيفيَّة
 أي إنَّ الصَّوت والزَّمن هُمَا  العناصرُ الفيزيائيَّة المحسوسة في هذا الفنّ المُجرَّد ، فكانَ لا  بد أَن يكونَ هناك تَرجَمةٌ خاصَّة للصَّوتِ الفيزيائيّ وتحويلِهِ  إلى صوت موسيقي ، وتقسيم مدروس للزمن وتحويله إلى إيقاع .
لذا فلا بُدَّ مِن الرِّياضيَّات لِدراسَةِ هذه التَّقسيماتِ الإيقاعيَّة ،  وربطِ الصَّوت المُوسيقيّ كظاهرةٍ فنِّيَّةٍ بالصَّوتِ الفيزيائيّ  كظاهرةٍ طبيعيَّة
الزمن :
صَنَعت المُوسيقى شفرة زَمَنيّةً نسبِيّةً مُستقِلّةً عن الزَّمن  الحقيقي، فصارَ هناك زَمَنٌ جديدٌ مُتَناسِبٌ بينَ أجزائِهِ، وبَدَلَ  الثَّواني والدَّقائق صارَ هُناكَ وحِدَاتٌ نسبيَّةٌ كالسَّوداء  والبيضاء وذات السِّن الخ...، ويَكون لَهَا سُرعةٌ مُعيّنةٌ يُحَدِّدُها  العازفُ أو المُؤَلِّفُ. ويُمكنُ أن تَزدَادَ هذه السُّرعةُ أو تَنقُص، ولكن يجبُ المُحافَظَةُ على النَّبض الإيقاعي الّذي حدَّدَه  المُؤَلِّف أو العازِف، وهو مِن أهمِّ مُقوِّماتِ المُوسيقى. هذا  النَّبض يَفصِل الزَّمن في العَمَلِ المُوسيقيّ عَن الزَّمن في  الواقعِ أو عن الثَّواني والدَّقائق. وتُحَدَّد سرعَةُ هذا النَّبض عادةً  بمُعادَلةٍ تُكتَبُ في أوَّلِ العملِ مثلاً =120) q( أي في كُلِّ  دَقيقةٍ يُوجَد 120 سودَاء. ويُمكنُ أَن تَتَغَيّرَ هذه المُعادَلةُ في  أيِّ لحظةٍ خلالَ العملِ المُوسيقيّ، فيُشيرُ المُؤَلِّف ببساطةٍ  إلى مُعادَلةٍ جديدةٍ مثلاً =140) q(. ويوجد حاَلاتٌ استثنائيَّةٌ لا  يكونُ فيها النَّبضُ ثابتاً بحيث يكونُ مَقطَعاً إفراديَّاً أو ارتِجاليَّاً.

النغم :  
حَلَّلَ عُلماء الفيزياء تردُّدات الصَّوت، واكتَشَفوا أنّ الأذن البشريَّة تَستَطيعُ سَماعَ مجالٍ مُعيَّنٍ من التَّرددُّات وهو من 16 هرتز إلى 20 كيلو هرتز وتَجَزَّأ هذا المجال بِتَناسُب مِدروسٍ لِتَتشكَّل النوتات  والأوكتافات والسلالم، وهذا ما يُشبه فَصل زَمن العملِ  المُوسيقي عن الزَّمن الواقعيّ، أي إنَّ الفرق في تَواتُر  الصّوت بينَ عَلامَة  موسيقيَّة وأخرى لا يُحسَب بِواحِدة الهرتز، كما الزّمن  الموسيقي لا يُحسَب بالثّواني. فالبُعد اللَّحني بينَ النوتات الموسيقيّة مُرتَبِط بِتَواتُر الصَّوت بِمُعادلات رياضيّة مُعقَّدَة، ونقطة الالتِقاء هي مِفهوم الأوكتاف. وهو الفرق بين عَلامَة موسيقيّة وجوابها، ويكون تردّدُ جواب علامةٍ موسيقيَّةٍ  يساوي تماماً ضعف تردّدِ العلامةِ نفسِها. (أي اذا كان تردّد نوتة لا=440 هرتز، فإنَّ تردّد نوتة لا جَوَاب التي تَعلُوها باوكتاف يساوي 880 هرتز)   
فَلَيس مِن الضَّروري أَن يَكون لأيِّ نوتة موسيقيَّةٍ تردُّد ثابت، فالموضوع نسبي يعود للتَّناسُب بين باقي النوتات ، أي أَنَّ المهم هنا الفاصِل اللَّحني بين النوتات الموسيقية ، لذلك يُمكِن رَفع تردُّدات جميع النوتات أو خَفضِها مع بقاء الفواصل اللَّحنية بين النوتات ثابِتة ممَّا يُغيَّر تردُّدات النوتات الموسيقيّة كافَّة. (أي عندما نَضبُط دوزان نوتة لا بحيث يُصبِح تردّدها 432 هرتز، يُصبحُ تردُّدَ نوتة لا جواب   864 هرتز)    

المصدر : غطاس عبد الملك خشبة. كتاب الموسيقى الكبير، أبو نصر الفارابي 

أتمنى أن ينال الموضوع إعجابكم 
مع تحيات : لمسة فن 

0 التعليقات:

Post a Comment